هذا كل ما تبقى من الدكتاتور ..

أخبار العالم

هذا كل ما تبقى من الدكتاتور ..
مواطن ألباني يقبل صورة لأنور خوجة في العاصمة تيرانا - 2010
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hduj

سيطر شبح الحرب على تفكيره فاستعد للحرب عشرات السنين، بنى خلالها الملاجئ في المدن والقرى والجبال، ولم يقصر في ذلك، لكنه مات من الشيخوخة وصارت "أهراماته" العصرية معالم سياحية.

إنه أنور خوجة، الزعيم الشيوعي الألباني الذي حكم بلاده أربعين عاما بنهج خاص حاول من خلاله أن يعزل بلاده عن العالم وأن يجهز الملاجئ لمواطنيه للاحتماء بها من حرب انتظرها طويلا وغزو ظنه وشيكا، لكنه لم يأت.

بطبيعة الحال، الكثير من الدول شيدت ملاجئ لحروب تقليدية وأخرى نووية، وخاصة في فترة الحرب الباردة، إلا أن هاجس الحرب ذهب بعيدا بأنور خوجة ما جعله يملأ بلاده بهذه المنشآت المشيدة بالإسمنت المسلح، على السطح وتحت الأرض، فبدت ألبانيا مثل حقل كبير من الفطر يمتد على مرمى البصر، ما أسبغ عليها لقب "مسقط رأس الملاجئ".

على مدى فترة حكمه التي امتدت بين عامي 1945 – 1985، تمكن خوجة من تشييد 750 ألف ملجأ ومخبأ دفاعي محصن في جميع أرجاء البلاد التي تبلغ مساحتها 28 ألف و700 كيلو متر مربع، وهذا يعني أنه تم في المتوسط تشييد 24 ملجأ في كل كيلو متر مربع، وأن كل 4 مواطنين بُني على شرفهم ملجأ!

وتقول الحكاية، التي لا تخلو سيرة أي دكتاتور على الأرض من مثيلاتها، أن المهندس الذي أشرف على بناء نموذج هذه الملاجئ الأول في خمسينات القرن الماضي قد تعرض لامتحان عسير، حيث دفع به رئيس اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الألباني أنور خوجة للجلوس داخلها واختبار متانتها بتعريضها لقصف بقذائف الدبابات!

المهندس خرج من الامتحان لحسن الحظ سالما، وتواصل تشييد الملاجئ في ألبانيا من دون انقطاع، على الرغم من انتشار الفقر وضعف البنية التحتية في البلاد، إلا أن خوجة رأى أنه من الأولى الاستعداد للحرب قبل أي شيء آخر.

ولم يشيد دكتاتور ألبانيا الملاجئ للعامة فقط، بل وأقام ملجأ سريا ضخما خاصا به وبكبار مسؤولي البلاد داخل جبل قرب العاصمة تيرانا، انتهى العمل به في عام 1978.

احتوى هذا الملجأ، المخصص لحرب نووية، على 5 طوابق، ونفق بطول 3 كيلومترات مزود بـ 106 حجرات، ومركز للاتصالات، ومخازن للذخيرة وللمواد الغذائية وللمياه، وقاعات للاجتماعات، وبصالة للحفلات الموسيقية بمساحة إجمالية تبلغ 2685 مترا مربعا.

فتح هذا الموقع الفريد أبوابه للزوار في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وأصبح أحد معالم العاصمة تيرانا السياحية الهامة، إضافة إلى الملاجئ الأخرى العامة التي أهملت بعد وفاة الدكتاتور، ثم عادت الحياة إليها من جديد، وتحول بعضها إلى مقاه وإلى مستودعات للحبوب ومخازن لعلف الماشية، وبعضها الآخر أصبح ملتقى للأصدقاء والخلان وملاجئ للسمر.

محمد الطاهر

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا