الناتو يستعد لقمته بعسكرة بولندا
حذَّرت موسكو من أن مناورات حلف الناتو، التي بدأت في 7 يونيو الحالي، في بولندا لن تسهم في تعزيز جو الثقة المتبادلة والأمن.
ووفقا لكل المعلومات المتوافرة، هناك حوار مكثف ومتواصل بين روسيا والناتو على مستوى السفراء. وذلك عشية انعقاد قمة الحلف في العاصمة البولندية وارسو في 8 و9 يوليو المقبل. وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن "هذا الحوار مستمر، لكن من المستبعد أن يفضي ذلك لتفاهم أكبر". ما يعني أن هناك شكلا من أشكال فقدان الثقة بين الجانبين.
لا أحد يستطيع أن ينكر أو يتجاهل أن العلاقات الروسية – الأطلسية تشهد في الفترة الأخيرة توترا بسبب توسع الحلف شرقا وزيادة تواجده العسكري بالقرب من الحدود الروسية. وهو ما تعتبره موسكو خرقا للوثيقة الأساسية للعلاقات المتبادلة مع الحلف. ولا شك أن الناتو يستفيد سياسيا من عملية المواجهة مع روسيا وتحويلها إلى عدو يهدده ويهدد أعضاءه، بدلا من أن يعترف بوجود مشاكل في نظام الأمن الأوروبي لأسباب تتعلق ببنية الحلف، وتوجهات واشنطن التي تقوده، وضعف أعضاء الحلف أمام الضغوط الأمريكية، وأسباب كثيرة أخرى منها الاقتصادي والجيوسياسي. وبالتالي، لا يمكن أن نستغرب من زيادة ميزانيات الدفاع لكل دولة من دول الناتو، وفي الوقت نفسه تقدم الناتو نحو الشرق، والقرار الخاص بنشر عناصر الدرع الصاروخية في أوروبا، وكانت البداية في رومانيا، والتي ستليها بولندا عام 2018.
وبالتالي، ليس مصادفة أن تبدأ القوات المسلحة البولندية، الثلاثاء 7 يونيو الحالي، أكبر وأضخم مناورات عسكرية في تاريخها الحديث، وهي في الوقت نفسه تهيئ الأوضاع لنشر عناصر الدرع الصاروخية الأمريكية على أراضيها.
وزارة الدفاع البولندية قالت إن هذه المناورات " Anakonda-16" لقوات حلف شمال الأطلسي في بولندا تعد أكبر تدريبات في تاريخ البلاد، وستشهد رقما قياسيا من حيث عدد الدول والعسكريين المشاركين فيها.
يشارك في المناورات أيضا حوالي 31 ألف عسكري من 24 دولة، بمن فيهم 12 ألفا من بولندا، و10 آلاف من الولايات المتحدة، إضافة إلى ألف جندي بريطاني، سيشاركون في هذه المناورات التي ستجرى في جميع حقول الرماية البولندية. بالإضافة إلى ذلك، ستشارك في مناورات "Anakonda-16" نحو 3 آلاف آلية عسكرية، بما في ذلك دبابات وناقلات جنود مدرعة، وأكثر من 100 طائرة ومروحية، إضافة إلى 12 سفينة حربية.
وستشهد هذه المناورات "Anakonda-16" الكبرى، إجراء مناورة بعنوان "Swift Response"، يتم خلالها نقل عسكريين أمريكيين من الولايات المتحدة إلى أوروبا. ومن المفترض أن يتم إمزال العسكريين الأمريكيين، من ولاية ساوث كارولينا، في حقول رماية بولندية، وسينفذون مهامهم في بولندا والدول المجاورة.
وتزامنا مع تدريبات "Anakonda-16"، ستجرى مناورتان تحت اسم "Saber Strike" و"Baltops". وتهدف الأولى منهما إلى إتقان عمل خاص بنقل المعدات العسكرية والأفراد عبر ألمانيا وبولندا إلى دول بحر البلطيق ورومانيا وبلغاريا، انطلقت أواخر مايو الماضي في أراضي لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، فيشارك فيها حوالي 10 آلاف جندي من 13 دولة، ومن المخطط أن تستمر حتى 22 من يونيو الجاري.
أما "Baltops" فتهدف إلى تحسين عمل إنزال مشاة البحرية على الشواطئ البولندية. وقد بدأت في 3 يونيو الحالي، وتنتهي في 19 من الشهر نفسه، تشارك فيها 15 دولة عضوا في الحلف، إضافة إلى السويد وفلندا. وقالت القيادة إن فعالياتها ستشمل أراضي كل من إستونيا وبولندا وألمانيا والسويد وفلندا، وكذلك مياه بحر البلطيق. أما مهمة التدريبات التي سيشارك فيها أكثر من 6 آلاف جندي، فتتمثل في التنسيق بين القوات البحرية والجوية والمضادة للطائرات، إلى جانب إجراء عمليات مضادة للغواصات وللإنزال الجوي.
لقد حدد حلف الناتو الهدف من هذه المناورات واسعة النطاق: تعزيز تعاون الوحدات والقيادات التحالفية والوطنية في إطار عملية دفاعية موحدة في ظروف ظهور تهديدات مختلطة.
المعروف أن الولايات المتحدة قامت في مايو الماضي بنشر عناصر من الدرع الصاروخية الأمريكية في أوروبا على الأراضي الرومانية وسط احتجاجات روسية وتحذيرات من جانب موسكو بالرد على هذه الخطوة. غير أن واشنطن أكدت أن الدرع ليست موجهة إلى روسيا.
ويجري حاليا الإعداد لنشر عناصر من الدرع الصاروخية على الأراضي البولندية بحلول عام 2018. وحذر الكرملين من أن أراضي هاتين الدولتين ستكون هدفا للصواريخ الروسية.
أشرف الصباغ