ما الذي سيقدمه أصدقاء ليبيا لحكومة الوفاق؟
بدأ اليوم في العاصمة النمساوية فيينا اجتماع يضم دولا أوروبية والولايات المتحدة والجوار الليبي لبحث الأوضاع في ليبيا.
ويشارك في الاجتماع، الذي يبحث إعادة الاستقرار في ليبيا، وزراء خارجية الدول المجاورة لليبيا وبعض دول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الصين والولايات المتحدة الأمريكية؛ فيما يترأس الاجتماع رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج ووزيرا خارجيتي إيطاليا باولو جينتيلوني والولايات المتحدة جون كيري.
سياق اللقاء
اجتماع فيينا يأتي في مرحلة حساسة تمر بها ليبيا. فبعد مرور نحو شهر ونصف على وصولها إلى العاصمة طرابلس، تواجه حكومة الوفاق الوطني صعوبات كبيرة في مباشرة أعمالها، وبسط سيطرتها على جميع مناطق ليبيا بسبب عدم حصولها على ثقة البرلمان في طبرق.
كما أن تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي تضع حكومة الوفاق على رأس أولوياتها اجتثاثه من ليبيا، بدأ يتحرك لتوسيع دائرة نفوذه خارج مدينة سرت، معقل التنظيم منذ مايو عام 2015؛ حيث تقدم التنظيم خطوات إلى الغرب للمرة الأولى نحو مدينة مصراته، وأوقع قتلى وجرحى في صفوف القوات المنضوية تحت لواء غرفة العمليات التابعة لحكومة الوفاق.
وتبدو دول الاتحاد الأوروبي على عجلة من أمرها للحصول على حليف قوي على الأرض في ليبيا لإنهاء حالة الفوضى، والسيطرة على الأراضي الليبية، لمنع تدفق المهاجرين منها باتجاه أوروبا. لذا، تتولى إيطاليا مهمة تنسيق جهود الاتحاد الأوروبي ودول الجوار الليبي بهدف إرساء دعائم الحكومة المنبثقة عن اتفاق الصخيرات.
دعم مطلق
ويسعى اجتماع فيينا الأول من نوعه لتوحيد صفوف الليبيين، وتقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس؛ حيث صرح وزير الخارجية الأمريكي بأن وزراء الخارجية سيبحثون "الدعم الدولي للحكومة الجديدة وسيركزون على المسائل الأمنية".
وترجح مصادر صحفية، استنادا لتسريبات حول البيان الختامي لاجتماع فيينا، أن يقدم وزراء الخارجية الدعم الكامل للقرارات والخطوات العسكرية التي اتخذتها حكومة السراج، وخاصة تشكيل غرفة عمليات لقتال داعش، وتشكيل قوة عسكرية جديدة، وتبني القيادة العليا للقوات المسلحة الليبية.
اجتماع فيينا سيطلب من دول العالم كافة التوقف عن تقديم دعم للحكومات الموازية لحكومة الوفاق أو التواصل مع أي منها، في خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على الحكومتين الموازيتين في طرابلس وبنغازي، كي ترضخا لسلطة المجلس الرئاسي الشرعي.
على أن ذلك لا يعني بالضرورة استبعاد المقاربة السياسية لحلحلة الأزمة؛ حيث شددت وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي على ضرورة إشراك القوى التي لا تزال ترى أنها غير مدرجة في العملية السياسية.
عسكريا..
ويتوقع أن يعلن خلال اجتماع فيينا عن استعداد الدول المجتمعة لتقديم الدعم في مجال التدريب والتسليح في حال طلبِ حكومة الوفاق ذلك.
وصرح دبلوماسيون أمريكيون بأن واشنطن لا تمانع في تخفيف الحظر المفروض على استيراد الأسلحة إلى ليبيا لمصلحة حكومة الوفاق الوطني. كما أنها، وقبل الاجتماع، أعلنت فرض عقوبات جديدة على رئيس مجلس النواب في طبرق المستشار عقيلة صالح، بسبب عرقلته عمل حكومة الوفاق.
وتقول صحيفة "ليبيا الوسط" إن حكومة الوفاق ستطلب تسليحا استثنائيا لدى لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة لاقتناء أسلحة تسمح بمواجهة تنظيم داعش؛ وهو الخيار الذي ستدعمه الأطراف المشاركة في الاجتماع بشكل كامل، والتي ستعلن أيضا التزامها بمواصلة تطبيق حظر السلاح على الأطراف الأخرى في ليبيا.
لكنَّ تسليم المعونات العسكرية سيتم بحذر شديد وتحت رقابة صارمة، خوفا من وقوع شحنات الأسلحة في أيدي المليشيات المسلحة المنتشرة في ليبيا؛ وهو ما قد يؤجج الصراع ويزيد من صعوبة مهمة حكومة الوفاق، التي وصفتها وزيرة الدفاع الإيطالية أمس بأنها "ما زالت هشة للغاية".
ويبقى التحدي الأبرز أمام حكومة الوفاق وأصدقائها حول العالم - هو احتواء أزمة الانقسام الداخلي لصون المكتسبات، التي تحقق من خلال اتفاق الصخيرات من جهة؛ وللحيلولة دون إعطاء التنظيمات الإرهابية فرصة للتمدد في ليبيا من جهة أخرى.
سيد المختار