الناتو إلى ليبيا وفق سيناريو روسي (فيديو)

لماذا تروج "بي بي سي" لفيديو جديد حول مقتل القذافي؟

أخبار العالم

الناتو إلى ليبيا وفق سيناريو روسي (فيديو)
حلف الناتو
انسخ الرابطhttps://ar.rt.com/hd5x

تتزاحم بلدان الناتو في إصدار التصريحات حول إطلاق عملية دولية لمكافحة "داعش" ولكن في ليبيا هذه المرة، فيما يرى مراقبون أن "التفاني" الغربي ليس إلا محاولة لتعويض سوريا.

نشرت قناة "بي بي سي" مؤخرا تسجيلا جديدا يظهر حشودا مسعورة من الغاضبين وهي تعذب وتمزق الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، فيما هو يصيح من شدة الألم ويحذر المجرمين من عقاب الآخرة ويناشدهم الرحمة.

توقيت نشر هذه "المادة" في حد ذاته، يثير الكثير من التساؤلات فهو لا يتزامن مع ذكرى "تحرير" ليبيا، أو مع أي حدث تاريخي آخر، بل يأتي على وقع تصريحات نارية تتوالى من عواصم الناتو حول ضرورة إطلاق عمل عسكري في ليبيا، واستباق قدوم "داعش" إليها، هاربا من ضربات الطيارين الروس، ومدحورا بانتصارات الجيش السوري الكبيرة التي شتتته وهزت كيانه.

الملفت في عملية الناتو "المحتملة"، والتي ستأتي على ما يبدو استكمالا لعملية سبقتها سميت بـ"الإنسانية"، أنها لن تتم إلا "بدعوة" من الحكومة الليبية، مما يشير إلى محاولة واشنطن وحلفائها السير على خطى روسيا التي أطلقت عمليتها في سوريا بطلب رسمي من رئيسها وحكومتها الشرعيين.

وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي، غردت في مقدمة السرب، وأكدت أن بلادها ما انفكت تعبر باستمرار عن استعدادها لقيادة مهمة ترمي إلى إحلال الاستقرار في ليبيا، على ألا يتم القيام بأي عمل كان هناك بمعزل عن موافقة السلطات الليبية.

وأعادت إلى الأذهان، صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي يتيح للسلطات الليبية طلب المساعدة الأممية، وأكدت أنه إذا ما تقدمت السلطات الليبية بمثل هذا الطلب، فإن روما ستلبي.

كما حذرت "المحاربة الإيطالية الأولى" من أن الأوضاع السائدة في ليبيا الآن تنذر "بصوملتها"، مشيرة إلى احتمال أن يسعى تنظيم "داعش" تحت وطأة الضربات التي يتعرض لها في العراق إلى توسيع نشاطه في ليبيا.

كما حثت الليبيين في هذه المناسبة على الاستعجال في تشكيل حكومتهم "ليرفعوا" طلبهم "للأنصار" في أقرب وقت ممكن. والسؤال: هل أن إيطاليا حريصة كل الحرص على ليبيا، وتسعى إلى "حمايتها" من "داعش" وأقرانه، أم أنها فضلت انتهاز الفرصة لاستعادة "مجد" غابر على أرض الليبيين بحجة أو بأخرى؟

وفيما تتزاحم بلدان الناتو وتحضر على ما يبدو لعملية "إنسانية" ثانية في ليبيا، دخلت الرياض على الخط، وسارعت إلى الإعلان عن استعدادها للانضمام إلى أي تحالف دولي لقتال "داعش" برا، ولكن في سوريا، وكأنها لم تدرك حتى الآن أن الناتو قد ولى وجهه شطر ليبيا، لاسيما بعد مطالبة أطراف ليبية موسكو بمد يد العون على غرار الدعم المقدم لسوريا في وجه الإرهاب.

أنقرة بدورها، ربما هي الأخرى قد تأخرت عن ركب المجريات على الأرض، فبعد أن تحدى الرئيس الروسي الأتراك علانية بأن يجربوا التحليق من الآن فصاعدا شمال سوريا، لا تفوت فرصة إلا وتؤكد فيها استعدادها للانخراط في أي تحالف ضد "الإرهاب" في سوريا، في وقت تشهد فيه روسيا على تحركات عسكرية تركية غير مسبوقة قرب الحدود السورية.

والسؤال: هل دبت الفرقة بين القوى الإقليمية والدولية حول سبل التسوية في سوريا ومحاربة الإرهاب، وكيف يمكن التفكير بالتدخل البري في سوريا بعد أن جاءت روسيا بقاذفاتها ومقاتلاتها وأمعنت في دك "داعش" وتحصيناته بصواريخها وقنابلها، فهل ستقف موسكو ودمشق متفرجتين؟

أم أن القوى الإقليمية والغرب لم تحد عن مسارها، ولن تكف عن سوريا، وإنما تريد من هذه التحركات والتصريحات ذر الرماد في العيون لتنقض بضربة خاطفة ومباغتة على الرقة "عاصمة" "داعش" غير المعلنة، وتنتزع الرمز النهائي للنصر على الإرهاب في سوريا من يد موسكو؟

ومما تقدم، يجمع الكثير من المراقبين على أن الناتو قد تخلى عن خططه تجاه سوريا، ولن يقدم على أي تدخل فيها ويغامر بصدام مسلح مع روسيا، فهذا واستنادا إلى الماضي والحاضر لم ولن يحدث أبدا لأن فيه فناء البشرية.

الناتو يحضر لنقل "نشاطه" إلى ليبيا بذريعة مكافحة "داعش"، كما يريد استباق روسيا التي أذهلته مرتين، حينما نشرت قواتها في شبه جزيرة القرم ليلا، وعندما بدأت طائراتها وقاذفاتها تحلق في سماء سوريا، رغم أنها "لم ترفع التكليف" وأبلغت السفارة الأمريكية في بغداد بعمليتها العسكرية هناك قبل ساعة على انطلاقها.

وعليه، فلا بد من الإشارة إلى أكثر التحليلات تفاؤلا بما سيخلص إليه الحراك الأخير على خلفية الواقع الذي يرسمه الطيارون الروس في سماء سوريا، والجيش السوري على أرضها، حيث يرى أصحاب هذا التحليل أن واشنطن وبروكسل قد أيقنتا أخيرا أنه، وكما أكد هنري كيسنجر مؤخرا، لا يمكن قيام أي منظومة عالمية أو أي توازن دولي بمعزل عن دور رئيس لروسيا فيه، ولن تقدما على التدخل في ليبيا إلا بموجب قرار يصدر عن مجلس الأمن.

وربما، وحسب هذا التحليل التفاؤلي كذلك، أن يكون الناتو قد أدرك ضرورة احترام سيادة الدول وحكوماتها، وقرر هذه المرة، أسوة بروسيا وعمليتها الجوية في سوريا، الاستحصال على طلب رسمي من حكومة شرعية في ليبيا لصد الإرهاب وقطع دابره هناك.

فـ"داعش"، قد يستولي على بوابات ليبيا ويشرعها في وجه عناصره ليقصدوا أوروبا بعباءة اللاجئين، لا سيما وأن تفجيرات باريس، وأحداث برلين وغيرها لا تزال حاضرة في الذاكرة.

صفوان أبو حلا

موافق

هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط .بامكانك قراءة شروط الاستخدام لتفعيل هذه الخاصية اضغط هنا